إسرائيل كانت وما زالت تفتخر بالشركات المتقدمة تكنولوجيا، وأكثرها أمريكية من تلك التي تقرر الاستثمار في إسرائيل، وربما أهم تلك الشركات والتي تثير فخر الإسرائيليين هي "إنتل" التي كانت حتى سنوات قليلة، أكبر وأهم شركة لتصنيع الشرائح الإلكترونية في العالم.
أعلنت شركة "انتل" في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أي بعد شهر من بدء الهجوم على غزة، وبعد أن حصلت على الموافقة المبدئية من الإدارة الأمريكية، عن قرارها بالاستثمار في مصنع كلفته 25 مليار دولار في إسرائيل، وهو ما قد يشكل أكبر استثمار في وحدة تصنيع شرائح إلكترونية في العالم، وقررت إسرائيل، من جانبها، دعم المشروع بـ3.2 مليار دولار، أي بمجمل المساعدات السنوية الأمريكية لإسرائيل، وفي المقابل وعدت "إنتل" تل أبيب بشراء سلع وخدمات من إسرائيل بـ 62 مليار شيكل خلال السنوات المقبلة.
صفقة Win – Win، كما يسميها الأمريكيون أي أنها صفق رابحة رابحة لكل الأطراف، حيث تقدم الإدارة الأمريكية لإسرائيل حوالي 3.5 مليار دولار سنويا، وتل أبيب تدعم إقامة مصنع لإنتل بـ3.2 مليار، وفي المقابل "إنتل" تشتري بضائع وخدمات من إسرائيل.
كل هذا المشروع يبدو أنه سقط فجأة، عندما أعلنت "إنتل" أنها ستوقف العمل في هذا المصنع، وتأكد ذلك من خلال إلغاء العقود للشركات التي ستبيع الآلات الضرورية لبناء المصنع. ولم يعلن عن أي سبب ذلك.
إذا أردنا البحث عن الأسباب الممكنة، فإن إلغاء مشروع بهذه الضخامة، وبهذه السرعة، قد يعود لأحد الأسباب التالية أو البعض منها سويا، أولا أن إنتل لم تقدر أهمية الحرب على غزة في بداياتها ولم تقدر انعكاساتها الخطيرة على حجم أعمالها، أي ردة الفعل، ثانيا أن إنتل لم تقدر أن استثماراتها قد تذهب هباء في حرب قد تطول، ثالثا أن "إنتل" مثلها مثل العديد من الشركات التكنولوجية الغربية الكبرى التي تغادر إسرائيل حاليا، رابعا أن الإدارة الأمريكية التي أعطت مساعدة خيالية لـ"إنتل" قد تكون عازفة عن ذهاب كل هذه المساعدات إلى إسرائيل، وقد توجد هناك أسباب أخرى، لكن هذه أول ما يخطر على البال.